- الستر على الناس
يقول الشيخ محمد متولى الشعراوى فى فضيلة الستر على الناس
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث أصاب أرضا فكانت منها نقيّة قبلت الماء فلأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى انما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم ومثل لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".
اذن فالله سبحانه وتعالى قد شبّه الناس بالأرض وقسمهم الى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم على الهدى فانتفع به، ثم نقل ما عنده الى الغير فنفع غيره، وهؤلاء مثلهم كمثل الأرض الخصبة التي ارتوت فأنبتت الزرع.
القسم الثاني: هم الذين يحملون المنهج ولا يعملون به، ولكن يبلغونه الى الناس، وعن هؤلاء يقول الحق سبحانه وتعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} الصف 2،3. فهؤلاء مثل الأرض التي حجزت الماء فشرب منه الناس ولكنها لم تأخذ منه شيئا ولم تنفع نفسها كما نفعت غيرها.
وعلى المسلمين في هذه الحالة أن يأخذوا علمهم ويدعوا عملهم، ويجب عليهم ألا يعرضوا بهم ويوكلوهم الى الله تعالى لعله يهديهم أو يشرح صدرهم للعمل بما هم عليه من علم خاصة وأن التعريض بهم أو الفرح فيهم، يدور الآن على ما هم عليه من دين وليس على ما يفعلونه.
وفي الحديث:" من ستر مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة" لأن من يعلم أمرا ما عن انسان لا يصح أن يفضح ذلك الانسان فليس هناك انسان معصوم الا الأنبياء والرسل، ولذلك فان لكل انسان زلات، كذلك اذا رأيت زلة لعالم من العلماء فاسترها حتى ينتفع الناس بعلمه، لأنك ان أذعتها وانصرف الناس عنه، ولم يأخذوا من عمله ما كان من الممكن أن ينتفعوا به في الدنيا والآخرة، وقديما قال الشاعر.
خذ بعلمي ولا تركن الى عملي وخلي العود للنار
القسم الثالث: وهم الذين لم ينتفعوا بمنهج الله تعالى، ولا نفعوا الناس به.
اذن فمنهج الله تعالى كالمطر الذي ينزل من السماء، مرة على أرض تنتفع به وتنفع الغير، ومرة ينزل على أرض لم تنتفع به الأرض ولا تنفع غيرها، ومرة ينزل على أرض لم تنتفع هي به، ولا نفعت به الغير.