إن العقيدة تقوم على القناعة العلمية والمعرفة، ولا قيمة للإيمان في الإسلام إلّا إذا بُني على أساس العلم والوعي والمعرفة;لذلك جاءت دعوة القرآن إلى التفكير والتأمّل في عوالم الكون ـ الطبيعة والحياة والذات البشرية ـ لمعرفة الله والرسالة الإلهيّة... ولذلك جاء البيان القرآني بأنّ لا قيمة للإكراه على عقيدة أو فكرة ..
قال تعالى :
(لا إكْرَاهَ في الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بالطّاغُوتِ ويُؤْمِن باللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بالعُرْوَةِ الوثْقى لا انْفِصامَ لَها واللهُ سَميعٌ عَلِيم )
وقال تعالى مُخاطِباً نبيّه :
(وَلَو شاءَ رَبُّكَ لاَمَنَ مَنْ في الأرْضِ كُلُّهُمْ جَميعاً أفَأنْتَ تُكْرِهُ النّاسَ حتّى يَكُونوا مُؤْمِنين )
في هذه الآيات يريد القرآن أن يوضِّح أنّ الإيمان الصادق لا يكون بالإكراه ، بل بالدليل والبرهان العلمي والوعي لمضمون الرسالة ، وأنّ الإنسان هو الّذي يختار طريقه ، وهو مسؤول عن هذا الإختيار ، وسيقوده اختياره إلى السعادة والنعيم ، أو إلى الكارثة والشّقاء والعذاب .. من ذلك نفهم أن الإسلام كعقيدة لم يقوم بالسيف والقهر والقوّة ، كما يحاول خصوم الإسلام تصويره ، وإنما استعمال القوّة والجهاد للدفاع عن الإسلام الحق ، وإزالة الحواجز الّتي يضعها الطواغيت في طريق العقل ، وفي طريق الإنسان المستضعف ليفسح المجال أمام رسالة الحق ومبادئ الخير الّتي بشّر بها القرآن لأن تأخذ طريقها .. ثبّت علماء العقيدة (علماء الإسلام) ثلاثة مبادئ أساسيّة توضِّح هذا المنهج العلمي الفريد مستمدِّينها من القرآن والسنّة وأدلّة العقل ، وهي :
1 ـ وجوب النظر ، أي وجوب التفكير وحصول الدليل العلمي ، وبأيّ مستوى للوصول إلى معرفة الله تعالى .
2 ـ وبنوا على الأصل الأوّل أن لا تقليد في اُصول الدِّين ، بل يجب تحصيل القناعة الذاتية بالإيمان بالله سبحانه، وبما جاء به محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) .
3 ـ أن مصدر الإيمان بالرسالة الإلهيّة هو العقل .
اتمنى يعجبكم موضوعي